من فضلك قم بزيارة مدونتى "تعالوا "

Friday, April 4, 2008

غزو العراق لم يكن وسيلة لنشر الديمقراطية


بعد 5سنوات علي احتلال العراق: هل أصبح الشرق الأوسط أكثرديمقراطية؟


غزو العراق لم يكن وسيلة لنشر الديمقراطية

باتريك كوكبورن ترجمة :عزة هاشم


مجلة أخبار الأدب -الأحد30/3/2008



عندما غزت الولايات المتحدة العراق وأسقطت صدام حسين عام 2003 فقد الشرق الأوسط بأكمله استقراره، وفرضت القوات الامريكية سيطرتها علي دولة عربية غنية بالبترول وآهله بالسكان. هددت واشنطن بعدها بالاطاحة بحكومات ايران وسوريا، وشكلت ببغداد أول حكومة شيعية في العالم العربي منذ 200 عام، فضجت المنطقة بأكملها بموجة عارمة من العداء لأمريكا.كان يجب أن يؤدي رد فعل الغزو في الشرق الاوسط الأوسع إلي تركيز أكبر علي ما يفكر فيه المصريون، والفلسطينيون، والسوريون، واللبنانيون، والايرانيون، لقد ضعفت مصداقية الانظمة الديكتاتورية الراسخة منذ أمد بعيد، فزاد من ذلك الضعف عدم ارساء ذلك النموذج المشرق للديموقراطية في بغداد، وعجز تلك الانظمة عن التعامل مع الازمة، لدرجة أن قامت مظاهرة في القاهرة عام 2006 يرفع أفرادها شعار:إلي ملوك وامراء وسفراء العرب.. اننا نبصق في وجوهكم'.. وبالرغم من أن الشرق الاوسط كان يترنح من تأثير صدمة الحرب علي العراق، الا أن معظم الدول أولته اهتماما ضئيلا مقارنة بالاهتمام الكبير الذي أدلته له وسائل الاعلام الاخبارية والحكومات الغربية، والتي كان تركيزها بأكمله تقريبا موجها نحو العراق، وكرست المؤسسات الصحفية والتليفزيونية ميزانياتها لدعم مكاتبها في بغداد. وبالرغم من أن هناك أحداثا استثنائية تم تغطيتها مثل فوز حماس علي فتح في الانتخابات الفلسطينية عام 2006م الا أن التفاقم المستمر للوضع الامريكي في العراق ألقي بظلاله عليه، واختفت بشكل كبير دول مثل مصر والمغرب من الخريطة الاعلامية.
***تلك واحدة من القيم الرئيسية لكتاب 'أحلام وظلال' وهو كتاب سلس وذكي تتناول من خلاله الكاتبة روبن رايت مستقبل الشرق الاوسط.. ولا يقتصر اهتمام رايت علي الحرب علي العراق وتداعياتها فحسب، وانما تتعرض فيه أيضا لنضال الافراد من المغرب الي ايران بهدف اصلاح أو استبدال الانظمة القائمة. اعتمدت رايت في كتابها علي ثلاثة عقود من الخبرة قضتها في تغطية المنطقة من خلال عملها في صحيفة واشنطن بوست وصحف أخري.نصف رايت كيف وقفت أمام أنقاض السفارة الامريكية في بيروت عام 1983 بعد مقتل أكثر من 60 أمريكي اثر هجوم انتحاري، وكان يبدو وقتها أن الاتجاه الاسلامي المتطرف هو الذي سيكون له الغلبة وسوف يشكل مستقبل المنطقة، ولكنها بدت شديدة التفاؤل عندما كتبت تقول: 'لن تدم للارهابيين تلك الاهمية والغلبة، والقوة الفاعلة مع الاجيال القادمة في الشرق الاوسط'. سيكون من المفيد لو كان ذلك صحيحا، ولكن رايت نفسها عندما تتناول المصلحين الذين يعارضون الاوضاع القائمة ويناضلون من أجل الحقوق الانسانية والمدنية تظهرهم بوصفهم لا يمارسون سوي تأثير ضئيل. تدعي رايت أن هناك 'ثقافة وليدة للتغيير' تتمثل في القضاة المناضلون في القاهرة، ورجال الدين المتمردون في طهران، ومحطات التليفزيون الفضائية الخاصة في دبي، والمساواة الرائعة، بين الرجل والمرأة في المغرب، وترشيحات المرأة في الانتخابات في الكويت، والوسائل العلمية الدقيقة في جدة، والصحافة الجريئة في بيروت وكازابلانكا، وسيدات الاعمال والكتاب المناضلون في دمشق'.
***ومن المؤسف ان حراستها تتعارض بشكل كبير مع ذلك الفرض، فمن بين العديد من المعارضين للوضع الراهن لم تكتب سوي عن بعض الحركات الدينية التي حققت قدرا من النجاح مثل: حماس في غزة والضفة الغربية، وحزب الله في لبنان. انها لم تغط باكستان، ولكن حادث اغتيال بي نظير بوتو في ديسمبر يظهر أن التفجيرات الانتحارية ستظل بمثابة مهارتهم المهلكة في تغيير دفة الاحداث.ولكن لماذا فشل المصلحون المعتدلون علي هذا النحو في مهمتهم في الشرق الاوسط؟ ليس بسبب نقص الشجاعة. تصف رايت كيف قضت رياض الترك في سوريا 18 عاما في سجن انفرادي أسفل الارض بطول جسده، وذلك عندما ألقي عملية القبض لأول مرة بسبب معارضته للحكومة العسكرية. استطاع رياض الترك أن يحتفظ بسلامة عقله عن طريق تشكيل رسوم علي الارض مستخدما الآلاف من الحبوب الصلبة وغير الصالحة للأكل. والتي كان يخرجها من الحساء الذي يقدم له طوال سنوات سجنه. ولم تكتف رايت بالابطال وانما تناولت البطلات أيضا مثل نهي الزيني التي لعبت دورا أقل ولكنه مؤثر ومميز، وهي مستشارة في وزارة العدل المصرية أثار حتفها التلاعب الصارخ في نتائج الانتخابات التي تشرف عليها، فنشرت ذلك علانية في واحدة من الصحف القليلة في القاهرة التي كان لديها الجرأة علي نشر شهادتها.
***وبالرغم من أن الأنظمة الديكتاتورية في الشرق الاوسط قد تكون مستبدة وفاسدة وممقوته من شعوبها، الا أنه يصعب اسقاطها، فالحكومات في مصر وسوريا وليبيا امسكت بزمام السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية التي حدثت في الماضي، وبالتالي تعلمت كيف تقي نفسها حتي من قواتها الامنية والمسلحة.وفي كل دولة من تلك الدول كونت أسر الرؤساء مبارك، والاسد والقذافي سلالة حاكمة جديدة.ولقد نشر أسامة حرب ­ رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية المعتدلة ­ أن جهود الاصلاح المزعوم ليست الا خدعة، ولكنه وجد انه لا يستطيع أن ينسحب من موقعه في لجنة السياسات بالحزب الوطني دون أن يعرض نفسه للخطر، وهو يعلق قائلا: 'ربما يكون من السهل عليك أن تعود نفسك علي أن تقول لا، ولكن ليس هنا.. تلك هي مصر'.هناك نظام استبدادي واحد قديم وراسخ في العالم العربي طرده المرشحون في انتخابات مراقبة ومحكمة. حدث ذلك في 25 يناير عام 2006 عندما فازت حماس علي فتح، وهي حركة قومية فاسدة ينتمي اليها ياسر عرفات. وتقول رايت ان تلك هي المرة الاولي التي يخرج فيها جمهور الناخبين العرب قائد ديكتاتوري من خلال انتخابات حرة وموضوعية، وكان لتلك النتيجة صداها في المنطقة بأكملها، تمثلت الاستجابة المباشرة للمجتمع الدولي في مقاطعة حماس. يتحدث قائد حماس أسامة حمدان الي رايت قائلا: 'بدت الولايات المتحدة كالأمير الذي يبحث عن السندريلا' ويستطرد: 'الامريكيون يملكون الحذاء، ويبحثون عن الافراد الذين يناسبهم مقاس الحذاء. اذا كان هؤلاء الافراد منتخبون بشكل حر وديموقراطي فلن يناسبهم مقاس الحذاء الامريكي، وبالتالي سترفضهم الولايات المتحدة من أجل الديموقراطية' شجعت أمريكا واسرائيل ودول العالم الغربي فتح علي تجاهل نتائج الانتخابات وحشد قوتها العسكرية، وأصبح الصدام المسلح شيء لا مفر منه، والذي كانت نتيجته فرض حماس لسلطتها علي غزة بقوة السلاح في يونيو .2007
***تعد رايت واحدة من أفضل وأقدم الصحفيين الامريكان في عملها علي تغطية الاحداث بمنطقة الشرق الاوسط، ولها شهرتها التي تؤيد ذلك فهي تعيد النظر بشكل غير تقليدي الي ما يحدث في المنطقة، وسيصبح كتابها مرجعا أساسيا لأي فرد يود أن يعرف إلي أين يتجه.ولقد اصابت في وصفها لطبيعة الانظمة التي تفرض قوتها الآن وهي تعلم انها ممقوتة للغاية لدرجة انها لا تسمح بأي تعبير حر عن الارادة الشعبية فيما عدا بعض الابتكارات مثل محطات التليفزيون الفضائية والانترنت والتي خرجت من قبضتهم علي ما يعلن عن معلومات ولقد اظهرت كلتا الانتخابات الجزائرية في عام 1992 والفلسطينية في عام 2006 أن الغرب لن يقبل فوز خصومه في الانتخابات، ولكن منذ غزو العراق أصبح من الصعب تخيل حدوث انتخابات موضوعية لها أي نتائج أخري.
قراءة في كتاب 'أحلام وظلال'مستقبل الشرق الاوسط لروبن رايت

No comments: