من فضلك قم بزيارة مدونتى "تعالوا "

Thursday, November 19, 2009

حكاية نورا و المنتخب الوطنى - بقلم علاء الأسوانى


أردت أن أكتب هذا الأسبوع عن سيدة مصرية اسمها نورا هاشم محمد، لكن النصر العظيم الذى حققه منتخبنا الوطنى على منتخب الجزائر فى كرة القدم، لا يمكن تجاهله.. من هنا قررت أن أكتب عن الموضوعين معا:
لا يوجد ما يميز نورا هاشم محمد لأنها مثل ملايين المصريات: سمراء ومتوسطة الجمال وفقيرة.. وقد تزوجت من عامل بسيط اسمه هانى زكريا مصطفى وأنجبت منه ولدين وخاضت معه كفاحا يوميا ضاريا من أجل لقمة العيش وتربية الولدين.. وذات يوم أحست نورا فجأة بإعياء شديد..

كانت مباراة منتخبنا الوطنى مع منتخب الجزائر، معركة مصيرية ظهر خلالها معدن المصريين الأصيل فتناسوا خلافتهم ووقفوا جميعا صفا واحدا خلف منتخبهم الوطنى. ولما كان الإعلام الجزائرى قد تورط فى السخرية من منتخبنا القومى بطريقة بذيئة فقد قام الإعلاميون المصريون بالرد على ذلك بوابل من الإهانات الموجعة للجزائريين..

وعندما صرحت المطربة الجزائرية وردة بأنها ستشجع فريق الجزائر أحس مصريون كثيرون بالغضب وتساءلوا : كيف تجرؤ وردة على تشجيع الفريق الجزائرى وهى التى تعيش فى مصر وتنهل من خيرها منذ عقود..؟ وطالب بعض المدونين على الإنترنت بمنع دخول وردة إلى مصر عقابا لها على تقاعسها عن تشجيع منتخبنا الوطنى.

فى البداية أرجعت السيدة نورا إحساسها بالإعياء إلى قلة النوم وكثرة عملها فى البيت، وقد أخفت الأمر عن زوجها هانى حتى لا تزيد من متاعبه. لكن تعبها زاد حتى رقدت فى الفراش.. عندئذٍ أصر هانى على اصطحابها إلى عيادة خاصة ودفع الكشف للطبيب الذى فحصها ونصح بنقلها فورا إلى المستشفى.

حرص سيادة الرئيس مبارك على حضور تدريب المنتخب الوطنى وقضى وقتا مع اللاعبين ليشد أزرهم قبل المباراة..

والحق أن رعاية الرئيس مبارك للرياضيين معروفة، ولعلنا نذكر عندما مات ألف وأربعمائة مصرى غرقا فى حادثة العبارة الشهيرة.. فإن حزن الرئيس مبارك آنذاك على الضحايا لم يمنعه من حضور تدريب المنتخب الذى كان يستعد لمعركة مصيرية أخرى فى نهائى كأس أفريقيا..
عندما وصل هانى زكريا وزوجته نورا إلى مستشفى صدر إمبابة، كانت الساعة الثانية صباحا.. كشف الطبيب على نورا بسرعة وقال إن حالتها عادية ولا تحتاج إلى مستشفى ثم انصرف، حاول هانى أن يلحق به ليتناقش معه لكنه لم يسمح له بمقابلته..

رجع هانى إلى موظف الاستقبال ورجاه أن يساعده حتى يتمكن من علاج زوجته.. عندئذٍ قال له موظف الاستقبال بوضوح:
إذا أردت أن تعالج زوجتك. ادفع الآن مبلغ 2000 جنيه..

أثناء مباراتنا مع الجزائر، وبالرغم من الخشونة المتعمدة من الجزائريين فقد مارس لاعبونا أقصى درجات ضبط النفس. كما ظهر تدين المصريين العميق واضحا أثناء المباراة وقبلها.. فارتفعت دعوات ملايين المصريين إلى الله لكى يسجل الفريق المصرى هدفين على الأقل..

وظهر المطرب ايهاب توفيق فى التليفزيون وطلب من المشاهدين جميعا الدعاء للمنتخب، مؤكدا أن فى مصر رجالا صالحين كثيرين وهؤلاء قطعا دعاؤهم مستجاب..

أصيب هانى بالذهول عندما استمع إلى المبلغ المطلوب منه، وسأل موظف الاستقبال بصوت خافت إن كان مستشفى صدر إمبابة مازال يتبع الحكومة المصرية؟

أخبره الموظف، بفتور، أنه مازال يتبع الحكومة لكنه يجب أن يدفع ألفى جنيه.. قال هانى إنه فقير ولا يملك هذا المبلغ.. لم يرد الموظف عليه وانصرف إلى قراءة أوراق أمامه.. بدأ هانى فى التوسل للموظف حتى يسمح بعلاج زوجته.

صباح يوم المباراة، صرح الناقد الرياضى المعروف ياسر أيوب فى التليفزيون، بأنه فى حالة فوز المنتخب على الجزائر والتأهل للمونديال..

فإن كل لاعب فى المنتخب سوف يحصل على مكافأة مالية قدرها 6 ملايين جنيه مصرى من الدولة واتحاد الكرة.. ولما بدا على وجه المذيعة بعض الاستغراب من ضخامة المبلغ.. قال ناقد رياضى آخر:
اللاعبون فى المنتخب يستحقون أكثر من ذلك، لأنهم يبذلون مجهودا خرافيا من أجل إدخال الفرحة على قلوب المصريين.

لما يئس هانى من إقناع موظف الاستقبال فى مستشفى صدر إمبابة، أخذ زوجته التى بدأت تترنح من الإعياء والحمى وذهب بها إلى مستشفى صدر العمرانية، حيث كشف عليها الطبيب هناك وقال إنه يشتبه فى أنها مريضة بإنفلونزا الخنازير، وأخبره بأنه لا يستطيع علاجها فى المستشفى لأنها غير مجهزة لمثل حالتها. ونصحه باصطحاب زوجته إلى مستشفى أم المصريين حيث توجد التجهيزات الطبية اللازمة..

لا يقتصر حب الرياضة على الرئيس مبارك لكنه يمتد أيضا إلى ولديه جمال وعلاء، وقد حرص الاثنان على الذهاب إلى الاستاد لتشجيع المنتخب وذهب معهما معظم الوزراء وكبار المسئولين بمن فيهم وزير الصحة الذى جلس بجوار السيد جمال مبارك مباشرة.. وقد رأينا فرحة كل هؤلاء الغامرة عندما أحرز عمرو زكى الهدف الأول فى مرمى الجزائر.

شكر هانى الطبيب وأخذ زوجته نورا وهرع إلى مستشفى أم المصريين، حيث توسل إلى المسئولين هناك حتى ينقذوا زوجته التى بدأت تبصق دما، لكن الطبيب فى أم المصريين طمأنه تماما وقال إن حالة زوجته عادية ولا تحتاج إلى الحجز فى المستشفى.. ونصحه بالعودة بها إلى مستشفى صدر العمرانية لأنها الجهة المتخصصة فى حالتها..

بعد الهدف الأول، وبالرغم من الجهد الكبير والروح القتالية، لم يستطع لاعبونا أن يسجلوا فى مرمى الجزائر لمدة 90 دقيقة كاملة.. وقد بان الغضب على وجوه كبار المسئولين الجالسين فى المقصورة.. حتى إن السيد علاء مبارك لم يتمالك نفسه وأشاح بيده اعتراضا على إضاعة منتخبنا عدة فرص لأهداف مؤكدة.

عاد هانى من جديد، وهو يكاد يحمل زوجته نورا، إلى مستشفى صدر العمرانية، ولأول مرة يرتفع صوته غاضبا فى وجه الطبيب:
ـ لماذا أرسلتنى إلى مستشفى أم المصريين إذا كان علاج زوجتى هنا..؟

أكد له الطبيب أن تشخيصه صحيح وأنهم فى مستشفى أم المصريين يتهربون من علاج المرضى.. وطلب منه شهادة رسمية من مستشفى أم المصريين بأن حالة نورا عادية وليست خطيرة.. عندئذٍ اعتذر هانى للطبيب عن حدته فى الكلام وأخذ زوجته من جديد إلى أم المصريين وطالبهم بإعطائه شهادة بحالة زوجته الصحية..

والحق أنهم هذه المرة عاملوه بلطف، وأكدوا له انهم سيعملون التحاليل اللازمة لزوجته نورا لكن عليه أن يعود بها فى الثامنة صباحا، لأن مسئولة التحاليل غير موجودة (تبين بعد ذلك أنها كانت موجودة لكنها أرهقت من العمل فطلبت من زملائها صرف المريضة نورا بأى طريقة)..


كادت المباراة تنتهى وفى الوقت بدل الضائع، تمكن عماد متعب من إحراز الهدف الثانى فى مرمى الجزائر، ورقصت مصر كلها طربا.. بل إن الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة، نسى وقار منصبه والكاميرات المسلطة عليه، وقفز من مكانه واحتضن جمال مبارك ليهنئه بالنصر العظيم.

عاد هانى بزوجته نورا إلى مستشفى صدر العمرانية ليودعها حتى الصباح ثم يأخذها بعد ذلك لعمل التحاليل فى أم المصريين، وكانت حالة نورا قد ساءت لدرجة أنهم وضعوها على جهاز التنفس الصناعى ولم تلبث أن لفظت أنفاسها الأخيرة قبل أن تتمكن من إجراء التحاليل اللازمة لتشخيص حالتها.. ماتت نورا هاشم محمد وهى لم تتجاوز الخامسة والعشرين، وتركت زوجها هانى وولدين صغيرين..

ولعلنا البلد الوحيد الذى يموت فيه الناس بهذه الطريقة.. على أن مأساة نورا هاشم محمد لا يجوز أن تعكر صفو فرحتنا بالنصر على الجزائر.. لقد استجاب الله لدعائنا وجعلنا نحرز هدفين نظيفين..وهكذا أذقنا الجزائريين من كأس الهزيمة وسوف نسحقهم بإذن الله فى مباراتنا المقبلة...

مبروك لمصر الوصول إلى المونديال ورحم الله السيدة نورا هاشم محمد...
..الديمقراطية هى الحل..

Thursday, August 20, 2009

تغيير بسيط فى عنوان الحقيقة - فهمى هويدى

أخطأ جماعة حزب الوسط
ثلاث مرات، مرة لأنهم أرادوا أن يشكلوا حزبا مدنيا، والمرة الثانية لأنهم أرادوه بمرجعية وسطية إسلامية، والمرة الثالثة لأنهم ظنوا أن قرار مفوضى مجلس الدولة بتميز برنامجهم عن غيره من الأحزاب يعنى أنهم حصلوا على ضوء أخضر يضمن لهم الانتقال من الحظر إلى الإباحة. لا أعرف إلى أى مدى فوجئوا بقرار عدم التصريح لهم للمرة الرابعة بإقامة الحزب، لكن الذى أعرفه أن الوضع الراهن فى مصر لا يريد حزبا حقيقيا، ولكنه يفضل هياكل كاريكاتورية شبيهة بالأحزاب الــ 24 المتوافرة لدينا. وهى التى تتمتع بـ«مرونة» تسمح لها بأن تتحول عند اللزوم إلى أجنحة مساعدة للحزب الوطنى الحاكم، ثم إن حكاية الوسطية الإسلامية باتت تثير حساسية لدى أجهزة الأمن، لأن انتشار تلك الدعوة سواء من خلال الحزب أو غيره من شأنه أن يغلق دكاكين كبرى تعيش على التطرف الذى أصبح المبرر الوحيد لوجودها.


وإذا طويت صفحته فإن تلك الجهات ستصبح بلا عمل، وأشخاصا كثيرين سيبحثون عن مورد رزق آخر، هذا إذا لم يعثروا على «فزاعة» أخرى تثير قلق النظام وتقتضى الاستنفار المستمر. أما إحسان الظن بقرار هيئة مفوضى مجلس الدولة وتوهم أن إنصافه لبرنامج الحزب يشكل وثيقة يمكن أن تحسم مصيره وتؤدى إلى إجازته، فهو تعبير عن براءة مفرطة، ودليل على أن بين الراغبين فى الاشتغال بالسياسة أناسا لم يستوعبوا بعد قواعد اللعبة السياسية فى مصر المحروسة. ولديهم قدر من حسن النية جعلهم يصدقون بعض الأقوال الشائعة التى تدعى مثلا أن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة، وهذه الأخيرة من بين المقولات التى رددها أهل «السلف» من رجال القانون يوما ما، ممن يدركون أن الدنيا اختلفت وأن «العنوان» فقط هو الذى تغير، فانتقل من القضاء إلى الأمن والذين قرأوا كتابات جورج أورويل ــ الأديب البريطانى ــ أقدر على استيعاب هذا التحول لأنه فى إحدى رواياته وصف وزارة الداخلية والأمن بأنها وزارة الحقيقة. حتى بعض القضاة عندنا لا يزالون يعيشون فى ظل ذلك الوهم، فقد قرأت فى جريدة الشروق (عدد 6/8) أن محكمة القضاء الإدارى بالفيوم أمرت باعادة مدرس إلى عمله، وإلغاء قرار وزير التعليم بفصله بناء على تعليمات أمنية، بدعوى أن المدرس منضم إلى جماعة الإخوان، وجاء الحكم الذى أصدره المستشار محمد حسين خالد أن المدرس (جمعة أحمد) فوجئ بصدور قرار يمنعه من التوقيع ومن دخول المدرسة التى يعمل بها، حتى لا يختلط بالتلاميذ بدعوى (الحفاظ على الأمن العام).


وهو ما اعتبرته المحكمة عاريا عن الشرعية، فقضت بأن فصل المدرس من عمله إجراء غير قانونى، لأنه استند إلى تحريات جهات الأمن التى جاءت للتعبير عن هوى شخصى، فى حين أنه ليس فى نصوص القانون، ما يتطلب أخذ موافقة الجهات الأمنية لتعيين المواطنين فى الوظائف الحكومية. لا تسأل عن مصير الحكم، فى ظل أجواء الحرية الراهنة التى تتيح للقضاء، كما تتيح للصحافة، أن يقول ما يشاء كما أن للأمن أن يفعل ما يشاء. هذا الكلام ليس فيه أى مزح أو مبالغة، آية ذلك أن مجلس الدولة أصدر حكما منذ شهرين بالإفراج عن 13 شخصا من الإخوان، بعد أن قضوا ثلاثة أرباع المدة (كل واحد كان عليه حكم بالسجن لمدة 3 سنوات).


ورغم أن أحكام مجلس الدولة ـ طبقا للقانون ــ نافذة المفعول وواجبة النفاذ ولا يوقف تنفيذها أى إشكال، فإن الداخلية رفضت إطلاق سراحهم، واحتالت لعدم تنفيذ الحكم، فقدمت بالمخالفة للقانون استشكالا أمام محكمة غير مختصة لمعارضة خروجهم، ولعدم اختصاص المحكمة، فإن نظر القضية تأجل، وبقى الجميع فى السجن لم يغادروه. تحدى الأحكام القضائية بلغ ذروته حين قررت محكمة جنايات القاهرة هذا الأسبوع إطلاق سراح معتقلين من سراى المحكمة فى مقدمتهم الدكتور محمود حسين الأستاذ بكلية الهندسة، وهو ما كان يعنى أنه لا توجد بحقهم أى شبهة إدانة، والأمر الذى فاجأ الأجهزة الأمنية التى لم تكترث بالحكم، ولم تأبه به فحملت المجموعة إلى سجن طرة، فيما يعد «اختطافا» لأنهم كان ينبغى أن يعودوا إلى بيوتهم مباشرة. هؤلاء جميعا كانوا بدورهم دعاة الإسلام الوسطى، لذلك فلم يفاجئنى قرار لجنة شئون الأحزاب رفض طلب إنشاء حزب الوسط، لأن المفاجأة الحقيقية أن وكيل مؤسسيه المهندس أبو العلا ماضى استدعى لحضور اجتماع اللجنة. ولم يستدع إلى نيابة أمن الدولة، ثم عاد إلى بيته ولم يلحق بسابقيه إلى سجن طرة، وهى مكرمة لم يقدرها الرجل، الذى سمعته محتجا فى بعض الفضائيات، فى حين كان ينبغى عليه أن يبعث إلى «جماعتنا» ببرقية شكر. وربما كان ذلك خطأ رابعا أرجو ألا يحاسب عليه!

Thursday, July 9, 2009

فتح الله جولن ..المفكر الأول فى العالم



هل الحركة التي تتبع فتح الله جولن تمثل طبعة حديثة للإسلام، أم أنها محاولة خفية لتسريب الدين إلى تركيا العلمانية؟
بهذا السؤال الموحي بدأت الجارديان البريطانية تقريرها المنشور يوم الإثنين 23 من يونيو 2008 حول التصويت الذي أجرته كل من مجلتي بروسبكت البريطانية وفورين بوليسي الأمريكية حول أهم 100 مفكر على مستوى العالم، وكانت المفاجأة اختيار جولن كأهم شخصية في هذا التصويت، وأن الشخصيات العشر الأولى التي اختيرت كانت كلها مسلمة منهم اثنان من حائزي جوائز نوبل: الروائي التركي أورهان باموك، والحقوقية الإيرانية شيرين عبادي.
وقد فاجأت تلك النتيجة منظمي التصويت الذين عزوه إلى حملة منظمة من قبل متبعي جولن وذلك بعد قيام جريدة "زمان" أكبر صحيفة تركية بنشر الاستطلاع، وهو ما دعا "ديفيد جوهارت" رئيس تحرير مجلة بروسبكت إلى وصف الأمر بأنه استهزاء بالتصويت من قبل متبعي جولن، وأن الأمر يشير إلى احتقان الوضع السياسي في تركيا على اعتبار أن حركة جولن داعمة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.
طالع:
موقع فتح الله جولن


وقد أنكر بولنت كينيز رئيس تحرير جريدة زمان أن يكون التصويت قد تعرض لعملية قرصنة، قائلا: إن هناك العديد ممن يروجون فكر جولن الذي يساهم في السلام العالمي بتشجيعه على الحوار والتسامح العالمي.
فمن هو فتح الله جولن؟ وما هي ملامح المشروع الذي يقدمه إلى العالم؟
جولن.. وخريطة الحب
عندما كنت في الثانية أو الثالثة عشرة من عمري وكنت حينئذ أدرس في تركيا، كنت أحمل كتابا في يد وخريطة للعالم في اليد الأخرى سائلا ربي: "كيف يمكننا يا رب أن نصبح عالما يربطه الأمل والحب والعلم وقد حلت مشكلاته الاجتماعية؟".
هكذا تكلم فتح الله جولن الداعية والعالم الإسلامي التركي الأبرز، والذي يحمل حلما عظيما من أجل الإنسانية يعمل على تحقيقه من خلال جهود الملايين الذين يتأثرون بدعوته والذين قدرهم البعض بأربعة ملايين في أنحاء العالم.
فكيف استطاع هذا الصبي أن يجعل من حلمه شيئا قابلا للتحقق؟ بل أن يجعل من مجرد فكرة قد تعبر على خواطر الكثيرين من الناس دونما حتى أن تعاود المرور مرة أخرى، أن يجعل من تلك الفكرة واقعا متجسدا في عدد من المشاريع والمؤسسات والأنشطة التي تملأ الأرض، على أمل أن يأتي ذلك اليوم الذي كان يحلم به؟
تربى فتح الله جولن في أحضان طلبة النور منذ عام 1957م، وفي فترة الستينيات عمل إماما وواعظا رسميا في المساجد، ومن ثم فقد اتسم شيئا فشيئا بالانفتاح على المجتمع من خلال وسائل الدعوة العامة، بدلا من الاقتصار على الحلقات في دوائر الحركة الداخلية.
ومن ثم كان عمله للدعوة عاما، إلقاءً للخطب والدروس في المساجد، وإدارة للمعسكرات الصيفية للشباب، وإلقاءً للمحاضرات في الأماكن العامة، وصارت محاضراته وخطبه تلك تسجَّل وتنتشر في أوساط الشباب، وهو ما لم تعتد عليه كوادر الحركة في ذلك الوقت المبكر.
وفي فترة السبعينيات أثمرت تحركات جولن الواسعة وسط الجماهير عن تأسيس حركته الخاصة، والتي هي بالأساس امتداد لطلبة النور في المجال العام، ومن ثم فهي تعتمد على الأساس الروحي المتين الذي كانت تتلقاه فيما يسمى بـ"بيوت النور" والتي تشبه الحلقات النورسية، ثم أضافت لها بداية من عام 1978م نشاطها المؤسسي في المجال العام، والذي تجلى في إنشاء أول مؤسسة تعليمية تابعة للحركة، وكانت عبارة عن "درسخانة"، -وهي المؤسسات المعنية بإعداد الطلاب لامتحان الالتحاق بالجامعة- فبينما كان سائر الإسلاميين معنيين بمدارس الأئمة والخطباء، كانت الحركة معنية بالتعليم العام لإخراج أجيال مسلحة بالمعارف الحديثة إضافة إلى الأخلاقيات الإسلامية.
وفي عام 1979 كان الموعد مع "سيزنتي" أول صحيفة ناطقة باسم الحركة، تعمل على بناء معارف علمية مؤسسة على الإسلام، وهكذا دخلت الحركة إلى ساحة المجال العام التعليمي والإعلامي مسلحة بالأساس الإيماني والأخلاقي المتين، وهو ما صار عنوانا على الحركة حتى يومنا هذا.
من تلك البدايات العملية البسيطة انطلقت حركة فتح الله جولن مشحونة نفوس أبنائها بطاقة روحية إيمانية وأخلاقية متينة، يجذبهم أفق بعيد لعولمة إنسانية جديدة، يحملون مسئولية تأسيسها على أعناقهم، موفرين لها كل ما تحتاجه من موارد مالية وبشرية تتحرك بها قلوبهم قبل أن تتحرك بها أبدانهم، فكما يعلمهم جولن: "الحقيقة هي أنه إن كان هناك ثمة عالم مشرع الأبواب لنظام عالمي جديد فهو عالمنا نحن، وسيتناوله الجيل القادم على أنه عصر نهضتنا نحن". ومن ثم فإن الحركة في عقدي الثمانينيات والتسعينيات انطلقت بقوة في ميادين التعليم والإعلام والحوار (سواء حوار الأديان، أو الحوار بين المثقفين) داخل وخارج تركيا لتحقيق ذلك الهدف البعيد، ولنأخذ التعليم كمثال لنموذج الرؤية والعمل في تلك المجالات.


الأساس الروحي للحركة

طاقة الإيمان لخدمة الحق
لعل أهم أسس حركة فتح الله لمن يريد أن يفهمها هو الأساس الروحي الإيماني والأخلاقي، والذي يضرب بجذور أفكاره إلى قرون ما يعرف بالتراث الصوفي الأناضولي، ممثلا في مولانا جلال الدين الرومي وغيره من أئمة السالكين، والذي تجسد حيا في القيادة الروحية لفتح الله جولن وكتاباته المستفيضة في هذا الباب، والتي هي روح تسري في كتاباته، وفي تلاميذه وفي مؤسساتهم التي أنشئوها، وفي روح دعوتهم وحركتهم في العالم، ولعل هذا هو السر البسيط والصعب في آن واحد لكل ما حققته الحركة من إنجازات، فتلك الروح التي تسري فيهم هي الوقود الدائم المتجدد الذي يمدهم بالطاقة للبذل والعطاء، سواء أكان البذل والعطاء ماديا؛ بالمال أو بالجهد والوقت، أو معنويا بطاقة الحب لله والحب لجميع خلق الله، والشوق لعالم يملؤه الإيمان بالله والحب والسلام بين البشر على اختلاف أعراقهم وطبقاتهم وأوطانهم وأديانهم.
بكل هذه الطاقة من الإيمان والحب والتسامح والفناء في خدمة الحق وخدمة الخلق تسير الحركة يحدوها الإيمان بأن الإنسان لم يُخلَق من أجل هذه الدنيا، بل إن الدنيا خُلقَت من أجل الإنسان، وإنما خلق الإنسان من أجل خدمة الحق والخلق، وأن ما يؤتاه في هذه الدنيا إنما هو متاع يبلغ به مبتغاه في الدنيا والآخرة.
التعليم وبناء الروح.. على هذا الأساس الروحي المتين انطلقت الحركة لتشيد مؤسساتها التعليمية التي قاربت الـ600 على مستوى العالم، والتي قدمت من خلالها رؤيتها الخاصة في الإجابة على الأسئلة الخمسة الأساسية في صياغة العملية التعليمية:
- لماذا نتعلم؟
فحسب رؤية جولن الإنسان يتعلم حتى يلبي احتياجا طبيعيا لديه في الاكتمال والوصول إلى مصاف الإنسانية الحقيقية والوصول من ثم إلى الثبات والوضوح في التفكير والتخيل والمعتقد، وجعل المعرفة مرشدا في الحياة تضيء الطريق للإصلاح الإنساني.
- ماذا نتعلم؟
تركز مدارس الحركة على مكونين أساسيين لمحتوى التعليم، هما العلم والدين (الإيمان والأخلاق) في شكله المعاش، ومضمونه الإنساني القيمي العام، حيث إن "حياة المجتمع تعتمد على المثالية والأخلاق الحسنة، وكذلك على الوصول إلى المستوى المطلوب من التقدم العلمي والتكنولوجي".
- من الذي يتعلم؟
تنتشر المؤسسات التعليمية التي أنشأتها الحركة في ربوع تركيا وفي الكثير من بلدان العالم، مقدمة خدماتها التعليمية لطلابها من المسلمين وغير المسلمين على السواء، وكما عبر أحد الباحثين الأتراك: "تأثرا بأفكاره، أصبح تلامذة جولن نشطاء في المجال التعليمي، وفي الثمانينيات والتسعينيات تم تأسيس 150 مدرسة خاصة (داخل تركيا)، و150 مركزا (درسخانة) تعطي برامج -دراسية- إضافية. والآن توجد 250 مؤسسة تعليمية تأسست متأثرة بأفكار الحركة خارج تركيا في كل ربوع العالم تقريبا، وقد تركزت في بلدان البلقان والاتحاد السوفيتي السابق والخارجة من العهد الشيوعي".
- من الذي يعلم؟
حيث ركز جولن على أهمية ومحورية دور المعلم والمدرسة وخصائصهما الواجبة في كتاباته، حيث يقول: إن المعلم الحق هو ذلك الذي يبذر البذرة الطاهرة ويحافظ عليها، إن من واجبه أن يكون ممتلئا بكل ما هو جيد وصالح، وأن يقود ويرشد الطفل في حياته وفي وجه كل الأحداث. ويقول أيضا: المدرسة هي المكان الذي يمكن للإنسان فيه أن يتعلم كل شيء له علاقة بالحياة والآخرة، إنها يمكن أن تلقي الضوء على الأفكار والأحداث الحيوية، وتمكّن طلابها من فهم بيئتهم الطبيعية والإنسانية، وإن المدارس الجيدة التي تستحق هذا الاسم هي سرادقات للملائكة تنمي الإحساس بالفضيلة في تلاميذها وتقودهم ليحققوا نبل العقل والروح.
- كيف نعلم؟
لعل السؤال الذي يثور دائما حينما تذكر تجربة حركة فتح الله جولن التعليمية، وركائز الإيمان والأخلاق التي ترتكز عليها (إضافة إلى العلم) هو: كيف يمكن لتلك التجربة أن تنجح في توصيل المعاني التي تريد، في بلاد تتبع نهجا علمانيا متشددا يمنع من تعليم الدين في مدارسه؟
وقد نجحت تجربة جولن في الإجابة على ذلك السؤال الصعب، اقرأ له يقول: "إننا نقول بحق، إن الألسنة والكلمات ليست لديها شيء لتقوله في وجود الأفعال، فحينما تتكلم السلوكيات، فهل هناك حاجة للحديث".
أما عن العلم في مدارس الحركة والذي يلازم البناء الروحي من خلالها، فيقول عنها أحد الباحثين: "إن السمة الفريدة (في تلك المدارس) هي إذكاء روح التنافس المحمود فيما بينها، ففي كل عام يتم إعداد وتوزيع التقارير التي تقارن بين أداء طلاب مدارس الحركة العالية والمدارس الأخرى، حيث تسجل دائما الأولى نجاحات في امتحانات دخول الجامعات (...) وتشجع روح التنافس أيضا بتدريب وإرسال الطلاب إلى الأولمبياد الأكاديمية المختلفة المخصصة لطلاب المدارس العليا حول العالم، وغالبا ما يعود هؤلاء الطلاب بميداليات".


إنسانية الإيمان

في لقاءه مع بابا الفاتيكان
على هذا الأساس المتين بنيت أعمال الحركة، سعيا وراء هدف أسمى بإقامة عالمية إنسانية متسلحة بالإيمان والأخلاق والعلم، ولعلنا وبعد استعراضنا لنموذج المؤسسات التعليمية للحركة، نستطيع أن نستقرئ تلك الخريطة التي تبين العلاقة بين الأساس الروحي وأعمال الحركة المؤسسية، والتي يطلق عليها في أدبياتها لفظ "الخدمة" Hizmet وهي لفظة مستمدة من التراث الثقافي للمسلمين الأتراك، والتي تعني كل عمل تطوعي يقوم على خدمة الخلق طمعا في رضا الحق، كما تبين العلاقة بين تلك الأعمال والغاية الروحية لها.
"إن أجيال الأمل باعتبار الزمن الحاضر هم ممثلو العلم والإيمان والأخلاق والفن، وهم مهندسو الروح لمن يأتون بعدنا، وسيشكل هؤلاء تكوينات جديدة في كل شريحة اجتماعية بتفريغ حرارة الإلهام لقلوبهم المتغذية بالأخرويات إلى الصدور المحتاجة إليها..."..
هذه هي الكلمات التي يملأ بها جولن جوانح تلامذته والتي بها ينطلقون بحركة دائبة لخير الإنسانية.



*المسئول عن وحدة البحوث والتطوير في شبكة إسلام أون لاين.

Saturday, March 28, 2009

السلام بالاكراه .. و بطلان كامب ديفيد




لماذا كل هذا الخوف من أمريكا واسرائيل ؟

كان هذا هو السؤال الاكثر ترددا بين الناس فى مصر اثناء العدوان الأخير على غزة ، يتدالونه فيما بينهم وسط خليط من مشاعر الدهشة ، وعدم الفهم ، والغضب من موقف الادارة المصرية .
وانتهى العدوان ، ولكن ظل السؤال قائما ، وهو سؤال عمره اكثر من ثلاثة عقود كاملة ، منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد والتى تحل ذكراها الثلاثون هذا الشهر .

والاجابة الصحيحة والقاسية فى نفس الوقت على هذا السؤال هى :
==============================
نعم إن مصر الرسمية مكرهة على كل ما تفعله منذ حرب 1973 ، فلقد قبلت وقف اطلاق النار تحت الاكراه ، ووقعت اتفاقيات السلام تحت الاكراه ، والتزمت بها ، ولا زالت ، تحت الاكراه ، وأن حياتنا جميعا منذ ذلك الحين تجرى وتدور تحت الاكراه الامريكى والصهيونى .
والاكراه يفسد الارادة ويبطل التصرف .
وعليه فإن اتفاقيلات السلام المصرية الاسرائييلية وكل ما ترتب عليها باطلة بطلانا مطلقا طبقا للمبادىء القانونية العامة وطبقا لاحكام القانون الدولى .
وفيما يلى التفاصيل ، نستهلها بالتذكرة بما تناولناه عن كامب ديفيد عبر العديد من المقالات :

أهم مساوىء كامب ديفيد :
============
§ سحبت مصر من الصراع ضد العدوين الصهيونى والامريكى
§ مما اطلق يد اسرائيل لتعربد كما تشاء فى المنطقة .
§ اعترفت باسرائيل وتنازلت لها عن فلسطين 1948
§ اضعفت المقاومة الفلسطينية ، وجعلتها تقف منفردة وحيدة فى مواجهة الآلة العسكرية الصهيونية
§ وضعت سيناء رهينة دائمة فى يد اسرائيل ، تستطيع ان تعيد احتلالها فى اى وقت تشاء

§ اعادت صياغة مصر عسكريا وطبقيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا على مقاس أمن اسرائيل
§ وضعت مصر ومن فيها تحت قيادة ورحمة الولايات المتحدة الامريكية

§ اعطت الضوء الاخضر لكل القوى الطائفية فى المنطقة للانفصال عن الامة ، وتاسيس دويلات كردية وشيعية وسنية ومارونية وقبطية وزنجية على نموذج الدولة اليهودية " اسرائيل "

§ ضربت وحدة الصف العربى التى تجلت فى أعلى صورها فى حرب 1973

اسباب البطلان :
=======
تنص اتفاقية فيينــا لقانون المعاهدات الصادرة في سنة 1969 في المادة رقم 51 :
===================================
" ليس لتعبير الدولة عن رضاها الالتزام بمعاهدة والذي تم التوصل إليه بإكراه ممثلها عن طريق أعمال أو تهديدات موجهة ضده أي أثر قانوني. "
كما تنص فى المادة رقم 52 من نفس الاتفاقية على آن :
========================
" تعتبر المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا اذا تم ابرامها نتيجة تهديد باستعمال القوة او استخدامها بالمخالفة لمبادىء القانون الدولى الواردة في ميثاق الامم المتحدة "
خلاصة المادتين السابقتين أن الإكراه الواقع على الدولة أو على ممثلها لتوقيع أى اتفاقية يبطلها بطلانا مطلقا .
و تنطبق نصوص المادتين على حالة مصر فى الفترة من 1973 حتى 1979 ، وبالتحديد فى الوقائع التالية :




وقائع الاكراه :

اولا ــ إحتلال سيناء :



==========
الاحتلال الصهيونى للاراضى المصرية عام 1967 وما بعدها هو استعمال للقوة بالمخالفة لمبادىء القانون الدولى الواردة فى ميثاق الالامم المتحدة وبالتحديد فى الفقرة الرابعة من مادتها الثانية التى تنص على :
يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد "الأمم المتحدة"..




ثانيا ـ سيناء رهينة :
=========
حالت الولايات المتحدة دون ان يصدر مجلس الامن قرارا ينص على الانسحاب الفورى من الاراضى المحتلة عام 1967 بدون أى قيد أو شرط ، فى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ الامم المتحدة .
وبدلا من ذلك اصدروا القرار رقم 242 الذى تعامل مع سيناء وغيرها من الاراضى المحتلة كرهينة لدى اسرائيل ، تعيدها الى مصر بشرط الاعتراف بها والسلام معها.

ثالثا : دعم امريكا للعدو الصهيونى فى حرب 1973 :
========================
قال الرئيس انور السادات في 16 اكتوبر 1973 " أن الولايات المتحدة ... اقامت جسرا بحريا وجويا لتتدفق منه على اسرائيل دبابات جديدة وطائرات جديدة ومدافع جديدة ، وصواريخ جديدة والكترونات جديدة "…
و قال فى 16 سبتمبر 1975 " انه في ليلة 19 من اكتوبر 1973 كان بقى لى عشرة ايام اواجه امريكا بذاتها


رابعا ــ تهديد كيسنجر للسادات بسبب الثغرة :
====================
اعترف السادات فى حديثه لمجلة الحوادث اللبنانية عام 1975 : انه عندما أخبر كيسنجر يوم 11 ديسمبر 1973بأنه قادر على القضاء على الثغرة ، رد الأخير :
" ولكن لابد آن تعرف ما هو موقف امريكا ..اذا اقدمت على هذه العملية فستضرب ."
وهو ما دفع السادات ، كما يدعى ، الى التفاوض وقبوله إعادة 90 % من قواتنا التى عبرت الى مواقعها قبل العبور ، وهو ما كان له بالغ الأثر على النتيجة النهائية لوضع القوات المصرية طبقا للملحق الامنى فى اتفاقية السلام عام 1979

خامسا ــ التهديدات العسكرية الاسرائيلية قبل زيارة القدس 1977 :




ففى خطابه امام مجلس الشعب المصرى في 26 نوفمبر 1977 بعد عودته من القدس جاء الاتى :
" في جلسة مع وزير الدفاع الاسرائيلى عزرا وايزمان توجه الى بسؤال 0 لماذا كنت تريد آن تهجم علينا في العشرة الايام الماضية ؟
قلت له ابدا 00بداتم انتم مناورة وعلى طريقتنا بعد حرب اكتوبر وباسلوبنا اسلوب الدول المتحضرة التى تعرف مسئولياتها حينما بداتم مناوراتكم بدا الجمسى مناورته ايضا بنفس الحجم00 قال آن تقارير المخابرات كلها امامى اهه (وعرضها ) تقول بانكم كنتم ستضربونا ضربة مفاجئة وكان في شدة العصبية0000هذا هو الحاجز النفسى الذي اتحدث عنه 000منذ عشرة ايام وهم في شدة العصبية "

سادسا ــ تهديد كارتر للسادات :

فى كتابه " الاحتفاظ بالايمان " المنشور عام 1982 ، ذكر الرئيس الامريكى جيمى كارتر ، انه عندما علم ان السادات قرر الانسحاب من المفاوضات فى كامب ديفيد والعودة الى القاهرة فإنه تصرف ما يلى :
" لسبب ما ، استبدلت بملابسى ملابس اكثر رسمية ..."
" شرحت له النتائج بالغة الخطورة التى تترتب على انهائه المفاوضات من جانب واحد ، وان عمله سيضر بالعلاقة بين مصر والولايات المتحدة الامريكية ، ....وان مسئولية الفشل سيتحملهاهو "
"وكنت جادا الى أقصى حد وكان هو يعرف ذلك . الواقع اننى لم اكن جادا فى اى يوم من حياتى اكثر من ذلك ..."
انتهى كلام كارتر .
بعد هذا اللقاء صرح السادات لأعوانه أنه :" سيوقع على أى شىء سيقترحه الرئيس الامريكى كارتر دون يقرأه

سادسا ــ التهديد الأمريكى الصريح لمصر :

فى 25 مارس 1979 قبل يوم واحد من توقيع الاتفاقية ، تسلمت مصر رسالة من الولايات المتحدة الامريكية تتضمن مذكرة تحمل عنوان " مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية " جاء فيها :

" 1- حق الولايات المتحدة في اتخاذ ما تعتبره ملائما من اجراءات في حالة حدوث انتهاك لمعاهدة السلام او تهديد بالانتهاك بما في ذلك الاجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية .
2- تقدم الولايات المتحدة ما تراه لازما من مساندة لما تقوم به اسرائيل من اعمال لمواجهة مثل هذه الانتهاكات خاصة اذا ما رئى آن الانتهاك يهدد امن اسرائيل بما في ذلك على سبيل المثال ، تعرض اسرائيل لحصار يمنعها من استخدام الممرات المائية الدولية وانتهاك بنود معاهدة السلام بشان الحد من القوات و شن هجوم مسلح على اسرائيل . وفى هذه الحالة فان الولايات المتحدة الامريكية على استعداد للنظر بعين الاعتبار وبصورة عاجلة في اتخاذ اجرءات مثل تعزيز وجود الولايات المتحدة في المنطقة وتزويد اسرائيل بالشحنات العاجلة وممارسة حقوقها البحرية لوضع حد للانتهاك .

سابعا ــ التهديدات الامريكية الصهيونية بشأن الأنفاق والحدود مع غزة :

وهو ما نراه ونعيشه يوميا من تهديدات من اعضاء فى الكونجرس والادارة الامريكييين بقطع المساعدات اعن مصر ، بالاضافة الى حملات التفتيش الدورية على الحدود المصرية ، من قبل لجان من المهندسين الامريكيين وموظفين بالسفارة الامريكية ورجال الكونجرس .

ثامنا ــ التصريحات الرسمية المصرية :

منذ اليوم التالى لتوقف اطلاق النار فى 22 أكتوبر 1973 وحتى يومنا هذا فى مارس 2009 ، والادارة المصرية ورجالها واعلامها يؤكدون بمناسبة وبدون مناسبة على ان الغاء كامب ديفيد يعنى الحرب . وكان آخرها تصريحاتهم تلك التى صدرت اثناء العدوان الأخير .

الخلاصة :
======
ان العدو الصهيونى بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية ، قد قام بإحتلال سيناء فى عام 1967 مع أراضى أخرى ، ومنعت أمريكا مجلس الأمن من اصدار أى قرار ينص على الانسحاب دون قيد أو شرط ، وربطت الانسحاب بالاعتراف باسرائيل وتوقيع اتفاقية سلام معها . فلما رفضنا ذلك وقررنا تحرير الارض بالقوة ، وقفت امريكا دون ذلك وسرقت منا النصرالعسكرى بدعمها لقوات العدو ، وتهديد رئيس الجمهورية حتى وقع المعاهدة ، ولم تكتفى بذلك ، فاستمرت فى تهديداتها لنا على امتداد أكثر من ثلاثين عاما . الأمر الذى يؤدى الى بطلان كل هذه الاتفاقيات بطلانا مطلقا بموجب احكام القانون الدولى ، ويجردها من أى مشروعية .

* * *
*كاتب ومفكر مصري

Seif_eldawla@hotmail.com


اقرأ ايضا :
======


تقييم معاهدة السلام في سنتها الثلاثين..إبراهيم يسري..القدس العربي..27/3/2009





Tuesday, February 24, 2009

بيع الفلسطينيين أرضهم لليهود حقيقة أم خيال؟!


د. خالد الخالدي - رئيس قسم التاريخ والآثار - الجامعة الإسلامية - غزة


يُعد هذا الموضوع من الموضوعات المهمة التي يجب على الفلسطينيين وخصوصاً المتعلمين والمثقفين منهم أن يفهموه جيداً، وأن يحفظوا حقائقه وأرقامه، وذلك للأسباب الآتية:
1- أَنَّ كثيراً من أبناء الشعوب العربية قد صدَّقوا الإشاعات التي نشرها اليهود، وروج لها أعوانهم، وأَهمها: "أن الشعب الفلسطيني باع أَرضه لليهود، فلماذا يطالبنا بتحرير أرض قبض ثمنها"؟!. وقد تعرضت أنا شخصياً لهذا السؤال مرات عدة، وفي بلدان عربية مختلفة، ووجدته أكثر انتشاراً في البلدان التي يرجى منها أن تفعل شيئاً من أجل تحرير فلسطين.
2- أنَّ مصدر هذه الإشاعة كتاب كتبوا في أَكثر الصحف العربية انتشاراً، ونشروا أكاذيب كثيرة، شوهوا فيها صورة الفلسطيني بهدف أن يُفقِدوا شعوبهم الحماس لفلسطين، وبلغ بهم الكذب حداً امتهنوا فيه جيوشهم، فقالوا :" إن الفلسطينيين يبيعون الضابط العربي لليهود بخمسة جنيهات، والجندي بجنيه واحد".
3- أنَّ العديد من الصحف العربية الرسمية ما زالت إلى اليوم منبراً لكتاب وضعوا أنفسهم في صف أعداء الأمة، وهم لا يملون من مهاجمة الفلسطينيين وتشويههم. وقد قرأت مقالاً لكاتب معروف في صحيفة عربية مشهورة يُهاجم فيه الفلسطينيين الذين تعاطفوا مع العراق أثناء تعرضه للهجوم الأمريكي، يقول فيه بالحرف الواحد: "هذا الشعب الوضيع الذي باع أرضه لليهود".
4- أنَّ هذه التهمة تتردد حتى في أوساط المثقفين، وكنَّا نسمع ذلك أثناء مناقشات مع مثقفين عرب يعملون في السعودية ودول الخليج، ومن ذلك قول أحدهم: " نعمل لكم إيه كل ما نحررها تبيعوها … كل ما نحررها تبيعوها".
5- أنَّ مروجي هذه الإشاعة ينشطون عندما تشتد مقاومة الشعب الفلسطيني لليهود، بهدف قتل أي تعاطف شعبي عربي مع الفلسطينيين.
6- أنَّ الشعب الفلسطيني الذي يحمل لواء الجهاد والمقاومة منذ أكثر من ثمانين عاماً، وقدم مئات الألوف من الشهداء، وما زال يقدم، ويقف وحده في الميدان، صامداً صابراً مجاهداً بالرغم من اجتماع الأعداء عليه، وتخلي ذوي القربى عنه، بل تآمرهم عليه، هذا الشعب يستحق أن ينصف ويدافع عنه، وقد شهد له كل منصف عرفه أو سمع عنه ونذكر فقط من هذه الشهادات قول هتلر في رسالة إلى ألمان السوديت: "اتخذوا يا ألمان السوديت من عرب فلسطين قدوة لكم، إنهم يكافحون إنجلترا أكبر إمبراطورية في العالم، واليهودية العالمية معاً، ببسالة خارقة، وليس لهم في الدنيا نصير أو مساعد، أما أنتم فإنَّ ألمانيا كلها من ورائكم"
.7- أنه لا يليق بمتعلم أو مثقف فلسطيني، أن يتهم شعبه، ويقف عاجزاً غير قادر على تقديم المعلومات والحقائق التي تدحض هذا الاتهام.وسوف أتناول هذا الموضوع بحياد ونزاهة وعلمية، مدافعاً عن الفلسطينيين بما يستحقون، ومحملاً إياهم ما وقعوا فيه من أخطاء. وقد استقيت معلوماتي من كتب ووثائق موثوقة.بلغت مساحة الأراضي التي وقعت تحت أيدي اليهود حتى عام 1948م من غير قتال أو حرب، حوالي (2) مليون دونم. أي ما يعادل 8.8% من مساحة فلسطين التي تبلغ 27 مليون دونم.حصل اليهود على تلك الأرض (2 مليون دونم) بأربع طرق هي:
الطريق الأول:650.000 دونماً (ستمائة وخمسين ألف دونم) حصلوا على جزء منها كأي أقلية تعيش في فلسطين منذ مئات السنين، وتملك أرضاً تعيش عليها، وحصلوا على الجزء الآخر بمساعدة الولاة الأتراك الماسونيين، الذين عيَّنتهم على فلسطين حكومة الاتحاد والترقي، التي كان أكثر من 90% من أعضائها من اليهود. وقد تآمرت جمعية الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد وأسقطته، لأنه رفض كلَّ عروض اليهود عليه مقابل تمكينهم من أرض فلسطين. ومن هذه العروض إعطاؤه مبلغ خمسة ملايين ليرة إنجليزية ذهباً لجيبه الخاص، وتسديد جميع ديون الدولة العثمانية البالغة 33 مليون ليرة ذهباً، وبناء أسطول لحماية الإمبراطورية بتكاليف قدرها مائة وعشرون مليون فرنك ذهبي، وتقديم قروض بخمسة وثلاثين مليون ليرة ذهبية دون فوائد لإنعاش مالية الدولة العثمانية، وبناء جامعة عثمانية في القدس.
الطريق الثاني:665.000 دونماً (ستمائة وخمسة وستين ألف دونم) حصل عليها اليهود، بمساعدة حكومةِ الانتداب البريطاني المباشرة، وقد قُدمت إلى اليهود على النحو الآتي:
-1- أعطي المندوب السامي البريطاني منحة للوكالة اليهودية ثلاثمائة ألف دونم
.2- باع المندوب السامي البريطاني الوكالة اليهودية وبأسعار رمزية مائتي ألف دونم.
3- أهدت حكومة الانتداب للوكالة اليهودية أرض السلطان عبد الحميد في منطقتي الحولة وبيسان - امتياز الحولة وبيسان - ومساحتها 165.000 دونماً (مائة وخمسة وستون ألف دونم).
الطريق الثالث:606.000 دونماً (ستمائة وستة آلاف دونم)، اشتراها اليهود من إقطاعيين لبنانيين وسوريين، وكان هؤلاء الإقطاعيون يملكون هذه الأراضي الفلسطينية عندما كانت سوريا ولبنان والأردن وفلسطين بلداً واحداً تحت الحكم العثماني يُسمى بلاد الشام أو سوريا الكبرى، وعندما هزمت تركيا واحتل الحلفاء بلاد الشام، قسمت هذه البلاد إلى أربعة دول أو مستعمرات، حيث خضعت سوريا ولبنان للاحتلال الفرنسي، وشرق الأردن للاحتلال البريطاني، وفلسطين للانتداب البريطاني توطئة لجعلها وطناً قومياً لليهود. وهكذا أصبح كثير من الملاك السوريين واللبنانيين يعيشون في بلد وأملاكهم في بلد آخر، فانتهز كثير منهم الفرصة وباعوا أرضهم في فلسطين لليهود الذين دفعوا لهم فيها أسعاراً خيالية، وبنوا بثمنها العمارات الشاهقة في بيروت ودمشق وغيرها. وكانت كمية الأراضي التي بيعت، والعائلات التي باعت كما يلي
:1- باعت عائلة سرسق البيروتية - ميشيل سرسق وإخوانه مساحة 400.000 دونماً (أربعمائة ألف دونم) ، في سهل مرج ابن عامر، وهي من أخصب الأراضي الفلسطينية، وكانت تسكنها 2546 أسرة فلسطينية، طُردت من قراها لتحل محلها أسر يهودية أحضرت من أوروبا وغيرها
.2- باعت عائلة سلام البيروتية 165.000 دونماً (مائة وخمسة وستين ألف دونم) لليهود وكانت الحكومة العثمانية قد أعطتهم امتياز استصلاح هذه الأراضي حول بحيرة الحولة لاستصلاحها ثم تمليكها للفلاحين الفلسطينيين بأثمان رمزية، إلا أنهم باعوها لليهود.
3- باعت عائلتا بيهم وسرسق (محمد بيهم وميشيل سرسق) امتياز آخر في أراضي منطقة الحولة، وكان قد أُعطي لهم لاستصلاحه وتمليكه للفلاحين الفلسطينيين، ولكنهم باعوه لليهود.
4- باع أنطون تيان وأخوه ميشيل تيان لليهود أرضاً لهم في وادي الحوارث مساحتها خمسة آلاف وثلاثمائة وخمسين دونماً، واستولى اليهود على جميع أراضي وادي الحوارث البالغة مساحتها 32.000 دونماً (اثنان وثلاثون ألف دونم) ، وطردوا أهله منه بمساعدة الإنجليز، بدعوى أنهم لم يستطيعوا تقديم وثائق تُثبت ملكيتهم للأراضي التي كانوا يزرعونها منذ مئات السنين.
5- باع آل قباني البيروتيون لليهود مساحة 4000 دونماً (أربعة آلاف دونم) بوادي القباني، واستولى اليهود على أراضي الوادي كله.
6- باع آل صباغ وآل تويني البيروتيون لليهود قرى (الهريج والدار البيضاء والانشراح -نهاريا-).
7- باعت عائلات القوتلي والجزائري وآل مرديني السورية لليهود قسماً كبيراً من أراضي صفد
.8- باع آل يوسف السوريون لليهود قطعة أرض كبيرة لشركة(The Palestinian Land Development Company).9- باع كل من خير الدين الأحدب، وصفي قدورة، وجوزيف خديج، وميشال سرجي، ومراد دانا وإلياس الحاج اللبنانيون لليهود مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية المجاورة للبنان
.الطريق الرابع:بالرغم من جميع الظروف التي وضع فيها الشعب الفلسطيني والقوانين المجحفة التي سنها المندوب السامي الذي كان يهودياً في الغالب، إلا أنَّ مجموع الأراضي التي بيعت من قبل فلسطينيين خلال ثلاثين عاماً بلغت ثلاثمائة ألف دونم، وقد اعتبر كل من باع أرضه لليهود خائناً، وتمت تصفية الكثيرين منهم على أيدي الفلسطينيين.ومن العوامل التي أدت إلى ضعف بعض الفلسطينيين وسقوطهم في هذه الخطيئة.
1- لم يكن الفلسطينيون في السنوات الأولى للاحتلال البريطاني على معرفة بنوايا اليهود، وكانوا يتعاملون معهم كأقلية انطلاقاً من حرص الإسلام على معاملة الأقليات غير المسلمة معاملة طيبة
2- القوانين الإنجليزية التي سنتها حكومةُ الانتداب، والتي وُضعت بهدف تهيئة كل الظروف الممكنة لتصل الأراضي إلى أيدي اليهود. ومن هذه القوانين، قانون صك الانتداب الذي تضمنت المادة الثانية منه النص الآتي:" تكون الدولة المنتدبة مسئولة عن جعل فلسطين في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تكفل إنشاء الوطن القومي لليهود".وجاء في إحدى مواد الدستور الذي تحكم بمقتضاه فلسطين النص الآتي: " يشترط أن لا يطبق التشريع العام ومبادئ العدل والإنصاف في فلسطين إلاَّ بقدر ما تسمح به الظروف، وأن تراعى عند تطبيقها التعديلات التي تستدعيها الأحوال العامة". إضافة إلى مادة أخرى تقول: " بما أنَّ الشرع الإسلامي خوَّل للسلطان صلاحية تحويل الأراضي الميري (الحكومية) إلى أراضي الملك فإنه من المناسب تخويل المندوب السامي هذه الصلاحية".
3- الإغراءات الشديدة التي قدمها اليهود للذين يبيعون الأرض، فقد بلغ ما يدفعه اليهودي ثمناً للدونم الواحد عشرة أضعاف ما يدفعه العربي ثمناً له. وقد تسبب ذلك في سقوط بعض أصحاب النفوس المريضة، ومثل هذه النوعية لا تخلو منها أمة من الأمم.
4- الفساد الذي نشره اليهود، وحمته القوانين البريطانية التي تبيح الخمر و الزنا.ويُسجَّل للشعب الفلسطيني أنه أَجمع على تجريم القلائل الذين ارتكبوا هذه الخطيئة، ونبذهم واحتقرهم وخوَّنهم ونفذ حكم الإعدام في كثير منهم.وقد نشرت الصحف أخباراً عن تصفيات تمت في فلسطين لأشخاص باعوا أرضهم لليهود أو سمسروا لبيع أراض لليهود نذكر منها فقط ما نشرته جريده الأهرام في العدد 28 و29 تموز (يوليو) 1937م "اغتيل بالرصاص (فلان) بينما كان في طريقه إلى منزله ليلاً، وهو مشهور بالسمسرة على الأراضي لليهود، وترأس بعض المحافل الماسونية العاملة لمصلحة الصهيونية، وقيل إنَّ سبب اغتياله هو تسببه في نقل ملكية مساحات واسعة من أخصب أراضي فلسطين لليهود، وقد أغلق المسلمون جامع حسن بيك في المنشية لمنع الصلاة عليه فيه، ولم يحضر لتشييعه سوى بعض أقاربه، وليس كلهم، وبعض الماسونيين، وقد توقع أهله أن يمنع الناس دفنه في مقابر المسلمين، فنقلوا جثته إلى قرية قلقيلية بلدته الأصلية، وحصلت ممانعة لدفنه في مقابر المسلمين. وقيل إنه دُفن في مستعمرة يهودية اسمها "بنيامينا" لأنه متزوج من يهودية، وأن قبره قد نبش في الليل وأُلقيت جثته على بعد 20 متراً.يتبين مما سبق أن الـ 8.8 في المائة من مساحة فلسطين أو الـ 2 مليون دونم التي وقعت في أيدي اليهود حتى سنة 1948م، لم يحصل عليها اليهود عن طريق شرائها من فلسطينيين كما يتصور حتى الكثير من مثقفينا، بل وصل معظمها إلى اليهود عن طريق الولاة الأتراك الماسونيين والمنح والهدايا من الحكومة البريطانية، والشراء من عائلات سورية ولبنانية، وأنَّ 300.000 دونماً فقط اشتريت من فلسطينيين خلال ثلاثين عاماً من السياسات الاقتصادية الظالمة والضغوط والمحاولات والإغراءات، أي أنَّ 1/8 (ثُمن) الأراضي التي حازها اليهود حتى سنة 1948م، كان مصدرها فلسطينيون، وقد رأينا كيف باعت عائلة لبنانية واحدة 400.000 دونماً في لحظة واحدة، وهو أكبر مما باعه فلسطينيون خلال ثلاثين عاماً. وأنَّ هؤلاء قلة شاذة عوقبوا بالنبذ والقتل.ولا يخلو مجتمع حتى في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، من ضعاف ومنافقين، وليس من الإنصاف، أن يتحمل الشعب الفلسطيني كله جريمةً ارتكبها بعض شواذه. لا سيما أن هذا الشعب حاسب هؤلاء الشواذ وعاقبهم.وإنَّ ما يقدمه الشعب الفلسطيني اليوم من تضحيات و بطولات بعد مضي أكثر من نصف قرن على احتلال أرضه، وإصراره على المقاومة والجهاد والاستشهاد بالرغم من ضخامة المؤامرة ضده لخير دليل على تمسكه وعدم تفريطه بأرضه المقدسة المباركة